العزلة الاجتماعية وتأثيرها على الفرد والمجتمع

العزلة الاجتماعية وتأثيرها على الفرد والمجتمع

اعداد :

أ.م.د عبدالحسين محمود المنصوري

تدريسي في قسم القانون/ كلية بلاد الرافدين الجامعة

 

جزء من الندوة الافتراضية التي عقدتها اكاديمية الفنون الجميلة / جامعة ديالى

16/5/2020

العزلة الاجتماعية :-

يستخدم مفهوم العزلة الاجتماعية في العلوم الاجتماعية ليدل على كل نشاط يؤدي الى فصل اجزاء من المجتمع او عناصره بعضها عن بعض فهو عمل يؤدي الى الابتعاد عن الاخرين وايقاف كافة الانشطة الاجتماعية التي تتم من خلال التفاعل المباشر .

 

انواع العزلة الاجتماعية :-

وتكون العزلة الاجتماعية على نوعين :

أ- طبيعية .

ب- ارادية عمدية .

ففي العزلة الاجتماعية الطبيعية يفقد الافراد وكذلك الجماعات صلتها فيزيقيا واجتماعيا بأفراد او جماعات اخرى لكي تكون وحدات منفصلة ، وهذه الظاهرة شائعة الحدوث ونجدها في كل مجالات الحياة الاجتماعية.

اما العزلة الاجتماعية الارادية او القصدية فتتمثل في استعمال القوة الاجتماعية او القانونية لفصل جماعة او افراد معينين مثل الكوارث الوبائية الفتاكة كما هو الحال بوباء كورونا المستجد والمنتشر حاليا في جميع انحاء العالم ومن ضمنها العراق او افراد معينين مثل المجرمين الخطرين الذين يشكلون خطرا على مجتمعاتهم .

 

أثر العزلة الاجتماعية على الفرد والمجتمع :

قد تم تناول مفهوم العزلة الاجتماعية من زوايا علمية متعددة منها : علم النفس  وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا ، فاعتقد علماء النفس وعلى راسهم العالم (سكموند فرويد) بان العزلة هي احدى الامراض السيكولوجية للفرد ناجمة عن عدم قدرة الفرد على التكيف وذلك للعقد النفسية الدفينة في شخصيته اما  راي علماء الاجتماع ومنهم (ابن خلدون و دوركهايم ) فقد اكدوا على اهمية التفاعل الاجتماعي وان الاجتماع الانساني  هو الاساس في  قيام الكيان الاجتماعي ، و درس علماء الانثروبولوجيا الاقوام البدائية التي تعتبر في عزلة عن الثقافة الحديثة المتطورة لمعرفة عاداتها وقيمها  ونظم حياتها .

ولكن لابد من القول بان السعادة تكمن في جودة العلاقات الاجتماعية فعلى مدى ثمانين عاما اجرت جامعة هارفرد دراسات متعاقبة عن سبب السعادة عند الناس فوجدت ان ذلك يكمن في علاقتهم الاجتماعية الجيدة وكذلك فان الروابط الاجتماعية تفيد الصحة والاستمرار بالحياة وان البعد او الشعور بالعزلة قد يؤدي احيانا الى الموت المبكر وهذ ما  اشارت اليه  دراسة لجامعة( كويزلاند ) الاسترالية ، وايضا عدة دراسات لباحثين امركيين  في هذا الخصوص .

ان مما تقدم يمكن ان نستنتج بان الطبيعة البشرية تحتم على الانسان ان يعيش مع الاخريين ويتفاعل معهم من خلال الاتصال المباشر وبذلك فان للتنشئة الاجتماعية اهمية بالغة في تنشئة الاطفال ضمن السياقات الاجتماعية ولكل مجتمع قيمة وعاداته التي يتربى عليها منذ الولادة .

ولابد من القول ان بعض العادات التي ظهرت مؤخرا والتي تؤدي الى عزلة الاطفال وبعض الشباب لساعات او احيانا لأيام طويلة في جلوسهم امام الالعاب الالكترونية مما تسبب  بظهور الكثير من السلوكيات العدوانية وهذا ما ادى الى ظهور العديد من الجرائم التي اخذت مجتمعات كثيرة تعاني منها .

وعلى الرغم من انتشار وسائل الاتصالات الحديثة والسريعة لكنها لا تستطيع  ان تحل محل استمرار العلاقات الاجتماعية الحسية بين البشر.

وعلى الرغم من السلبيات العديدة التي تتمثل بالعزلة الاجتماعية لابد من وجود ايجابيات لها ، فنحتاج العزلة احيانا للهدوء والابتعاد عن صخب الحياة والانصراف لإنجاز الاعمال الفكرية والعلمية والفنية ، فان التأمل يعطي قوة التفكير على  الانجاز كما ان العزلة تؤدي احيانا الى اكتشاف الذات من حيث ان الابتعاد عن الاخرين يؤدي الى الحصول على مزيد من الوقت لإنجاز العديد من الاعمال .

كما ان على الرغم من السلبيات التي ترافق العزلة الاجتماعية فان حالات معينة تفرض القيام بالعزلة او التباعد الاجتماعي كما هو الحال بانتشار الاوبئة او الكوارث البيئية  ، وان انتشار فايروس كورنا المستجد في الفترة الاخيرة حتم على العديد من الدول ان تفرض العزلة الاجتماعية واحيانا بالقوة للحفاظ على حيوات الناس من هذا المرض القاتل .